قمر الليل ’’,,المدير’’,,
عدد المشاركات : 1365 نقاط : 2238 التقييم : 4 تاريخ التسجيل : 02/07/2009 الموقع : www.salove.mam9.com المزاج : نائم
| موضوع: ذكـرى (أول مقال للدكتور " فهد بن عامر الأحمدي" العبقرية.. وقيود المجتمع التاريخ: 2001-03-19 السبت 29 أغسطس 2009 - 9:31 | |
| حول العالم
التاريخ: 2001-03-19 العبقرية.. وقيود المجتمع
فهد عامر الاحمدي * حين نصف شخصاً بانه مبدع فماذا نعني بذلك!؟
في الغالب نقصد انه خرج بشيء جديد وغريب لم يستطرق من قبل. وحين يخرج المرء بشيء جديد فانه في الغالب يخالف واقعاً معتاداً وطريقة اعترف بها الجميع.
والابداع ليس صعبا لدرجة ان اجيالا تولد وتموت ولم يظهر فيها مبدع واحد.. ولكن المشكلة ان معظمنا يخشى الخروج على عادات المجتمع ومخالفة المألوف والصراخ بأعلى صوته "أنا لدي طريقة جديدة"!!
لا يوجد شعب اذكى من شعب ولا أمة أفضل من أمة، ولكن تتفاوت المجتمعات في تشجيع او كبت الافكار الجديدة. في المجتمعات العربية يسيطر "المعتاد" و"المفروض" على 99.999من تصرفات الافراد، اما في الغرب فيمكن لاي شخص مخالفة الواقع والخروج عن المألوف بدون ان يثير حفيظة احد.
المجتمع بطبعه يتصرف بروح القطيع فيعارض غير المألوف ويثور ضد الافكار الجديدة.. اما ردود فعله فتنطلق من (وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) بدون اي تحليل او تقييم منطقي للأفكار المطروحة. المجتمعات البشرية لا تعترف بالعبقرية والابداع بقدر ما تعترف بالسحر والجنون (ما اتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر او مجنون)!!
* ولكن رغم كل هذه القيود قد يبرز (مجنون ما) يخالف المألوف ويكسر المعتاد ولا يخشى المواجهة، شخص بهذه الصفات يكون مهيأ بنسبة 99% لبلوغ قمة العبقرية فما تبقى ليس اكثر من تشغيل جمجمة نملك مثلها!
وقد يتمرد المرء على قيود مجتمعه لاسباب كثيرة.. فقد يكون مضطهدا ، وقد يكون ضمن اقلية (وهو السر في تفوق الاقليات اليهودية ضمن المجتمعات الكبيرة) وقد تكون لتربيته دور في تمرده، وقد يكون غير سوي نفسيا، وقد يكون غيورا ومتألما لما يراه، وقد يكون ببساطة مريضا ويعاني باستمرار!.. فالمرض (كمثال) ظرف قهري يتطلب استحداث اساليب جديدة في العيش والتعامل والتفكير.. وحين يصاب المرء بمرض دائم يفكر بشكل اعمق ولا يعبأ كثيرا لما يفرضه المجتمع ويقوله الناس. المريض مهيأ اكثر لالتقاط الالهام في الخلوة وبلورة الابداع من المعاناة.. هنري ماتيس مثلا بدأ حياته كمحام متواضع في باريس. ولكنه اصيب بالتهاب دائم في الزائدة جعله طريح الفراش. وفي ظل معاناته ووحدته اكتشف موهبته في الرسم فأصبحت الفرشاة رفيق حياته.. الطريف ان الزائدة الدودية يمكن حاليا ازالتها بعملية لا تستغرق نصف ساعة. ولكنها لو اتيحت لماتيس لكسبنا محاميا وخسرنا مدرسة جديدة في الفن المعاصر!!
* قد يكون الخلط بين العبقرية والجنون له اساس من الصحة، فالمعاناة النفسية والجسدية تنقلب في الافراد العاديين الى دافع للتفوق واثبات الذات (وهو ما قالت عنه العرب: كل ذي عاهة جبار!!).
بيتهوفن مثلا، رغم انه اعظم موسيقي في التاريخ الا انه كان يعاني من الصمم، وشومان (اعظم عازف بيانو) كانت يده اليمنى مشلولة، والمعري كان اعمى، ومليير كان مصابا بالسل، واديسون بالصمم، ودستويفسكي بالصرع، وسيزان بالسكر.. اما هذه الايام فاعظم مثال هو عالم الفيزياء البريطاني ستيفن كنج الذي اصيب بانحلال تدريجي في العضلات حتى اصبح مجرد كتلة لحم رخوة.. ومع هذا يعد كنج حاليا اعظم عالم في الفيزياء والفلك وكتب بالصوت واحدا من اكثر الكتب مبيعا في التاريخ (موجز تاريخ الكون)!!
.. حين نتأمل الرابطة القوية بين المعاناة والعبقرية نقدم العذر للاصحاء والمحظوظين.. فالمحظوظ لا يتمرد على مجتمع أعطاه كل شيء، وصحيح الجسم لا يملك دافعاً للابداع او وقتا للتأمل
| |
|