قمر الليل ’’,,المدير’’,,
عدد المشاركات : 1365 نقاط : 2238 التقييم : 4 تاريخ التسجيل : 02/07/2009 الموقع : www.salove.mam9.com المزاج : نائم
| موضوع: أمراض الفقر .. لماذا لا تؤثر في الفقراء؟! الأحد 18 أكتوبر 2009 - 3:01 | |
| حول العالم
أمراض الفقر .. لماذا لا تؤثر في الفقراء؟!
فهد عامر الأحمدي سبق وأن شاهدتُ في إحدى الدول الفقيرة أطفالا يلعبون في مستنقعات راكدة ومجار نتنة وأحياء ملوثة ومواقع لجمع النفايات والزبالة .. وهو منظر تذكرته مؤخرا أثناء مشاهدتي للفيلم الهندي المليونير المتشرد (الذي فاز بعدة جوائز أوسكار) حيث يلعب الأطفال في مواقع قذرة كفيلة بإصابة أبنائنا (وأبناء اليابانيين والدنمركيين والألمان) بأمراض خطيرة ومميتة ... وحين تشاهد مناظر كهذه تتساءل عن سر المناعة التي يتمتعون بها وأسباب بقائهم على قيد الحياة حتى "الآن" .. ولكي نفهم السر لابد أن ننظر للواقع من (الجانب الآخر) ونتذكر حال الناس أيام جدي وجدك .. فالأطفال الفقراء الذين تراهم في المواقع الموبوءة هم ببساطة "الصفوة" أو "النخبة" التي أتيح لها البقاء على قيد الحياة من بين أشقاء ضعفاء ماتوا مبكرا .. ففي المجتمعات الفقيرة قد تلد الأم خمسة عشر طفلا يموت منهم ثمانية أو عشرة (في سن مبكرة) ولا يبقى في النهاية غير الأطفال الذين يتمتعون بمناعة قوية ومقاومة للأمراض المستوطنة .. ولو سافرت اليوم إلى الهند ستكتشف مفارقة مناعية وطبية مضحكة ؛ سترى فقراء يأكلون من بسطات مكشوفة وموبوءة (أو يسبحون في نهر الجانج المقدس الذي يمتلئ بشتى أنواع الجراثيم والبكتيريا وفضلات المستحمين) ومع هذا لا يصابون بأي مرض في حين يصاب به سائح عابر لا يملك مناعة مماثلة !! وحين نعود الى (أيام جدتي وجدتك) نكتشف أن الإنجاب بكثرة كان سلاحهم الوحيد لمواجهة الأوبئة والأمراض وتجاوز نقطة الاختفاء والانقراض .. فقد كانت الأم حينها تلد بلا توقف (بمعدل طفل كل عامين) يموت معظمهم قبل سن الخامسة بحيث لا يتبقى غير قلة قليلة تتمتع بمناعة أقوى ضد الأمراض.. وحين يقدر لهؤلاء تجاوز "عنق الزجاجة" والوصول لسن البلوغ يكونون قد مروا بالفعل بعدة أمراض مستوطنة ولكنهم نجوا منها (وبالتالي اكتسبوا مناعة ضدها ينقلونها بدورهم للأجيال الجديدة) .. وهذه الآلية المناعية تفسر اختفاء أوبئة خطيرة كانت منتشرة أيام الأجداد مثل الجدري والطاعون والكوليرا .. فرغم أنها قضت على الكثيرين منهم إلا أنها توقفت في النهاية أمام قلة ناجية اكتسبت ضدها مناعة وراثية دائمة ... وحين نراجع التاريخ نكتشف وقائع مشابهة نجت فيها المجتمعات من موجات وبائية قاتلة .. فحين وصل المستعمرون الأوربيون الى القارتين الأمريكيتين حملوا معهم أمراضا بسيطة لم تعد تؤثر فيهم (كالحصبة والجدري) ولكنها فتكت بالسكان الأصليين كونها جديدة عليهم ولا يملكون مناعة ضدها .. واقتضى الأمر ثلاث مئة عام (وأربعين مليون ضحية) حتى امتلكت الأجيال الأخيرة في الأمريكتين حصانة ضد الأمراض "الأوربية" الجديدة !! وانتقال كهذا (من أوربا لأمريكا) يذكرنا بأن أخطر مايميز هذا العصر هو "عولمة الأمراض" وإمكانية انتقالها بين الأمم ؛ ففي الماضي كانت الاوبئة محصورة فى بلدان ومناطق محدودة لانعدام المواصلات وصعوبة السفر للدول الأخرى ؛ أما اليوم فالطائرات وسفن الشحن تقوم بدور خطير وغير محسوب فى نقل الجراثيم والميكروبات بين دول العالم .. فوباء سارس مثلا ظهر أولا في هونج كونج وبعد شهرين فقط انتشر في 9 دول من بينها كندا . أما إنفلونزا الخنازير (التي تكمن خطورتها في عدم امتلاك العالم مناعة ضدها) فظهرت في المكسيك وانتشرت خلال 3 أشهر في 49! دولة .. وقبل هذا وذاك وتحديدا في منتصف التسعينيات انتقلت الكوليرا من الهند (حيث لم تعد تؤثر بأحد) إلى لندن خلال ساعات استغرقتها الطائرة من مومبي الى مطار هيثرو ... !! ... ما أخشاه فعلا أن "العولمة" ستفرض علينا قريبا أمرين أحلاهما مرّ : إما رفع مستوى الانغلاق والحجر الصحي بين مجتمعات العالم (وهو مايصعب فرضه طبعا) .. أو الاستسلام لموجة أوبئة جديدة تمنح الأجيال التالية مناعة شاملة يعجز كافة الأطباء عن توفيرها ... تماما كما حدث لأطفال الهند ... | |
|