الصلاة من حق الجميع

حول العالم


الصلاة من حق الجميع



فهد عامر الأحمدي
الصلاة في لغة العرب تعني الدعاء والتزكية والرحمة.. وكانت الأعراب تقول صليت على فلان بمعنى دعوت له أو تمنيت له الخير..وهذا المعنى يفسر قوله تعالى {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً كما يفسر أمر الله لنبيه بالصلاة على أصحابه وأتباعه {وَصَلّ عليهم إِن صَلاَتك سَكن لهم..
أضف لهذا أن طبيعة الصلاة تختلف باختلاف منزلة المصلي والمصلى عليه؛ فالصلاة من الله رحمة وتزكية، ومن الملائكة استغفار واستعطاف، ومن الآدميين تضرع ودعاء (كما جاء عن ابن القيم في جلاء الأفهام)!!
وفي الحقيقة؛ هذه المقدمة (اللغوية) ضرورية لفهم الفكرة المقصودة من معنى "الصلاة" في مقال اليوم...ففي جميع الديانات يصلي الناس من أجل حاجاتهم وأمنياتهم وخطاياهم والتعجيل بشفاء مرضاهم (بحيث يمكن أن تقرأ في ترجمات الأفلام الأجنبية ألفاظا من قبيل: صليت من أجلك، أو لنصلي من أجلهم) !!
وهناك إحصائية تفيد بأن 62% من الشعب الأمريكي يؤمن بأن الصلاة (خصوصا الجماعية والمشتركة) تساعد المريض على الشفاء فعلا. وهذه الأيام توجد منظمات متخصصة تضم آلاف المؤمنين غير المتفرغين يشاركون في صلوات جماعية لصالح أشخاص لا يعرفونهم. فحين تعاني شخصية مشهورة من السرطان أو الإيدز مثلا يستلم الأعضاء رسالة اليكترونية أو هاتفية للصلاة من أجله (بتنسيق إنجيلي في وقت محدد) ..
وهذه الممارسة لا تلقى تأييدا من المؤمنين فقط بل ومن كثير من السياسيين والأطباء وأساتذة الجامعات (بل وانتقلت لدائرة المزايدات السياسية حيث سبق للرئيس بوش الطلب من المنظمات المتدينة الصلاة من أجل مباحثات الشرق الأوسط ، في حين لم يتحرج الرئيس أوباما من مطالبة الشعب الأمريكي بالصلاة (من أجل سلامة "جنودنا" في افغانستان) ..
وفي حين ينظر المؤمنون لهذه الممارسة من منظار ديني وإيماني بحت (حيث يصعب على يسوع تجاهل آلاف الأصوات المؤمنة) يرى فيها غير المتدينين نوعا من الإيحاء الجماعي والنفسي الذي يصب في صالح المريض أو المعني بالصلاة ..
والعجيب أكثر هو ظهور أكثر من 17 دراسة جادة (نشر بعضها في مجلات محترمة مثل ساينس ونيتشر وديسكفر) تؤكد وجود تأثير فعلي لهذه الصلوات على المريض بل وتحدث بعضها عن رصد طاقة روحانية غامضة تنطلق من مجموعة المصلين باتجاه الشخص المعني!!
...ورغم أننا لسنا في موقف الحكم على طبيعة ونوعية الاستجابة المتوقعة؛ إلا أن مجرد التجمع للصلاة (من أجل عمل ما) قد يكون له تأثير وهمي إيجابي (يعرف في عالم الطب بتأثير البلاسيبو) أو تأثير روحاني ميتافيزيقي (حيث تركُّز الأفكار يؤثر في الواقع) أو كما يعتقد الجميع: مجرد استجابة رحيمة من "خالق كريم" يعطي الدنيا لمن يحب ويكره كما جاء في الحديث الشريف!!